مدريد - قال خوان لابورتا رئيس نادي برشلونة في مؤتمر صحافي أول من امس الخميس ان المدرب الهولندي فرانك ريكارد سيترك فريق كرة القدم بالنادي الاسباني في نهاية الموسم وسيحل محله بيب غوارديولا قائد الفريق السابق.
وتولى ريكارد لاعب منتخب هولندا السابق تدريب برشلونة عام 2003 وقاده للفوز بلقب الدوري الاسباني مرتين متتاليتين واحرز معه لقب دوري ابطال اوروبا عام 2006، لكن الفريق فشل في الفوز بأي بطولة في 2007 و2008 وتلقى هزيمة مذلة بأربعة أهداف مقابل هدف واحد امام غريمه التقليدي ريال مدريد الاربعاء الماضي، وقال لابورتا في المؤتمر الصحافي: "لقد انتهت دورة العمل لان النتائج لم تصب في مصلحتنا. الموقف كان محبطا جدا الموسم الماضي، لم ننجح في تصحيح الاخطاء التي ارتكبت آنذاك وقررنا انه يجب اعفاء ريكارد من مهامه في نهاية الموسم".
وكان من المقرر ان ينتهي عقد ريكارد مع النادي الكاتالوني في 2009، وصنع غوارديولا المولود في سانتبيدور في شمال برشلونة والبالغ من العمر 37 عاما اسمه في الفريق الكاتالوني كلاعب خط وسط من الطراز الأول في اوائل التسعينيات من القرن الماضي عندما كان يوهان كرويف مدربا للفريق.
وثبت غوارديولا اقدامه سريعا في نو كامب واصبح واحدا من اللاعبين الاساسيين في تشكيلة الفريق الذي كان يطلق عليه "فريق الاحلام" وفاز بأربعة ألقاب متتالية للدوري بين عامي 1991 و1994 وكأس اوروبا في 1992، كما ساعد اسبانيا ايضا على الفوز بالميدالية الذهبية في دورة برشلونة الاولمبية ولعب 47 مباراة دولية مع المنتخب الاول.
وترك غوارديولا برشلونة في عام 2001 لينضم الى بريشيا الايطالي الا ان مسيرته في ايطاليا تعثرت عندما سقط في اختبار للمنشطات في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه.
وامضى غوارديولا عقوبة الايقاف لاربعة اشهر الا انه نفى بشدة ارتكاب اي مخالفة ورفع دعوى قضائية لتبرئة ساحته ونجح في ذلك في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، وبعد ان لعب لفترات في قطر والمكسيك اعلن غوارديولا اعتزاله كلاعب في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006.
وعين غوارديولا مدربا للفريق الثاني لبرشلونة في حزيران (يونيو) الماضي وقاده الى قمة مجموعته في دوري الدرجة الرابعة الاسباني، وقال لابورتا انه سيكشف عن تفاصيل عقد غوارديولا في نهاية الموسم.
وتعرض برشلونة لانتقادات واسعة النطاق من جانب وسائل اعلام رياضية بالمدينة أول من امس الخميس بعد أن تركته الخسارة أمام غريمه ريال مدريد بطل الدوري متخلفا في المركز الثالث، وعنونت صحيفة "موندو ديبورتيفو" تقريرها على الانترنت بكلمة "العار" فيما نشرت صحيفة "سبورت" صفحة سوداء كتبت عليها "أنتم لم تشرفوا قميص برشلونة".
وتوجت أهداف من القائد راؤول وارين روبن وغونزالو هيغوين ورود فان نيستلروي ليلة رائعة من احتفالات جماهير ريال مدريد على أرضها بعد أن اكتظت لمشاهدة الفريق الذي ضمن الفوز بلقب الدوري في بامبلونا يوم الأحد الماضي بتغلبه 2-1 على أوساسونا.
وتركت الهزيمة برشلونة بعيدا عن ريال مدريد بفارق 17 نقطة وبفارق سبع نقاط أقل من فياريال مما يعني تأكد ضياع أمل الحصول على المركز الثاني المؤهل مباشرة لدور المجموعات بدوري أبطال اوروبا قبل جولتين من نهاية بطولة الدوري.
وسيطر الحديث في استعدادات ما قبل المباراة حول قيام لاعبي برشلونة بتحية الفريق البطل على فوزه باللقب أثناء نزوله إلى أرض الملعب، ونشرت صحيفة "ماركا" التي تصدر في مدريد صورة كبيرة للحظة تحية لاعبي برشلونة للاعبي الفريق الملكي في نسختها أول من امس الخميس لكن ذلك الأمر لم يمثل قلقا كبيرا للصحافة الكاتالونية، وقالت صحيفة "سبورت": "لحظة تكريم لاعبي ريال مدريد لم تكن أمرا سيئا. ما حدث كان أفظع. لقد أحرزوا أربعة أهداف وكانوا قادرين على الوصول للرقم ستة. الدفاع كان مثل الزبدة (سهل الاختراق). الفريق ليس في حاجة للتعديل بل في حاجة لثورة".
ولم يحاول لاعبو برشلونة اختلاق مبررات للهزيمة، وقال المدافع البرازيلي سيلفينيو للصحافيين: "سيكون أمرا من الصعب نسيانه. لم تكن هناك مقارنة بين الحالة المزاجية لكل فريق. لم يكن بإمكاننا الذهاب للحصول على تحية جماهيرنا. سنحاول التغلب على ذلك خطوة بخطوة".
عندما عين فرانك ريكارد مدربا لبرشلونة في 2003 تولى مسؤولية قيادة فريق يعاني من فقدان الثقة بعد اربعة اعوام من الاخفاق اضافة الى عدم الاستقرار وصراعات داخلية.
وخلال الاعوام الثلاثة التالية قاد المدرب الهولندي الفريق الكاتالوني لإحراز لقب دوري الدرجة الاولى الاسباني لكرة القدم مرتين متتاليتين وانتزاع لقب دوري ابطال اوروبا وساعده على ان يصبح الفريق الاكثر جاذبية في القارة الاوروبية.
ونال ريكارد الاشادة لالتزامه بتقديم كرة القدم الجميلة والهجومية ومهارته في السيطرة على اللاعبين الكبار وهدوء اعصابه وابتعاده عن الاضواء واعتبر انه المدرب المثالي لفريق كان يعاني من ازمة منذ عام 1999، لكن إخفاق الفريق في الحفاظ على مستواه العالي وخسارته لقب الدوري لمصلحة غريمه اللدود ريال مدريد الموسم الماضي ونشوب خلافات داخل الفريق جعلت صفات ريكارد التي كانت من قبل مثار اعجاب تتحول الى عيوب في نظر البعض، واتهم ريكارد بالسلبية والسذاجة الفنية وعدم الحزم مع اللاعبين وادى اخفاقه في ايقاف تراجع اداء الفريق الى وضع حد لمسيرته مع برشلونة.
وعند تعيينه مدربا للفريق شكك البعض في قدرات ريكارد بسبب افتقاره الى الخبرة التدريبية وحقيقة انه كان الخيار الثالث بعد مواطنيه غوس هيدينك ورونالد كومان.
وفي أول مواسمه في نو كامب استقبلته صحيفة كاتالونية رياضية بعنوان يقول "مجرم" مع وضع سهم يشير الى صورة ريكارد بعد ان تلقى برشلونة اول هزيمة على ارضه منذ عشرين عاما امام ريال مدريد، لكن خوان لابورتا رئيس النادي تمسك بالمدرب الهولندي وحصد ثمار ذلك.
وادى وصول لاعب الوسط الهولندي ادغار ديفيدز في كانون الثاني (يناير) الى تغيير كبير في اداء برشلونة وتمكن الفريق من الحفاظ على سجله خاليا من الهزيمة في 17 مباراة متتالية ليحتل المركز الثاني في الدوري بعد فالنسيا.
وفي الموسم التالي ومع انضمام صامويل ايتو وديكو الى رونالدينيو في نو كامب انتزع برشلونة لقب الدوري ليفوز بأول بطولة في ست سنوات، وتوج برشلونة انجازه في 2006 باحتفاظه بلقب الدوري وتغلبه على ارسنال الانجليزي في نهائي دوري ابطال اوروبا في باريس ليحظى بالاعجاب على نطاق واسع لامتاعه الجماهير بكرة القدم الهجومية التي يقدمها.
وفي الوقت الذي بدأ يعتقد فيه البعض ان برشلونة فريق لا يقهر بدأت علامات بداية الانهيار في الظهور، وكانت هزيمة برشلونة الثقيلة بثلاثة أهداف مقابل لا شيء امام اشبيلية في مباراة كأس السوبر الاوروبية في بداية موسم 2006-2007 مؤشرا مبكرا على قابلية الفريق للسقوط.
وتلقى برشلونة المزيد من الانذارات على وجود خطر عندما خسر امام انترناسيونال البرازيلي في نهائي كأس العالم للاندية وليفربول الانجليزي في بطولة اوروبا واخيرا هزيمته المذلة امام خيتافي في قبل نهائي كأس ملك اسبانيا.
وزاد تراجع برشلونة بفعل خلافات داخل الفريق ومشاكل بدنية واخطاء خططية وتأكد ذلك عندما فرط في تقدمه في السباق على لقب الدوري ليفقد الصدارة لمصلحة ريال مدريد الذي انتزع اللقب، وتحرك النادي بسرعة لتدعيم صفوفه وضم ايريك ابيدال وغابرييل ميليتو في الدفاع ويايا توري في خط الوسط وتييري هنري في الهجوم.
ودفع انضمام هنري الى ليونيل ميسي وصامويل ايتو ورونالدينيو البعض للحديث عن "رباعي خيالي" في خط الهجوم لكن هذا الحلم لم يتحول ابدا الى حقيقة، وعانى كل من ايتو وميسي من اصابة للموسم الثاني على التوالي ابعدتهما لمدة طويلة عن الملاعب فيما وجد هنري الذي عانى من الام في الظهر ومشاكل شخصية صعوبة في التأقلم مع اسلوب لعب برشلونة بينما طاردت مشاكل تتعلق باللياقة البدنية والوزن النجم البرازيلي رونالدينيو.
لكن كل ذلك اصبح من الصعب احتماله بعدما نجح فريق رائع لريال مدريد في التفوق على برشلونة وانتزاع لقب الدوري للعام الثاني على التوالي، واصبح من الواضح ان عصر ريكارد سينتهي في برشلونة بعد الخسارة امام ريال مدريد في الدوري وفالنسيا في كأس الملك ومانشستر يونايتد في دوري ابطال اوروبا
__________________